الأسرة

اختيار الشريك المناسب بالعقل أم بالقلب!

اختيار الشريك المناسب بالعقل أم بالقلب!
كتب بواسطة:

2023-10-24

يعتبر اختيار الشريك المناسب هو الخطوة الأولى نحو تكوين أسرة ناجحة وسعيدة، وهنا يجب أن نعرف هل يجب أن يتم اختيار الشريك بالعقل أم بالقلب حتى نحقق زاوج ناجح ومستقر وسعيد؟

أود هنا أن أتحدث لماذا نشعر بالميل إلى أشخاص معينين بالمقابل لا نستلطف أشخاص آخرين، ولا نشعر بالميل والمشاعر اتجاههم؟ وهنا يجب أن لا نهمل هذا الجانب لأنه ليس مجرد مشاعر بل في كثير من الأحيان تعبير عن حاجات دفينة في العقل الباطن لا يستطيع العقل الواعي ادراكها.

أحب أن اشرح لكم معلومة مهمة عن العقل الباطن:
توجد منطقة بالدماغ تسمى الجهاز اللمبي (LIMBIC SYSTEM) هذه المنطقة هي مركز العقل الباطن تقريبا، وهي تخزن كل الأحداث التي تمر بنا وكل المشاعر المرافقة لها، فعندما نلتقي بأشخاص ننسجم معهم، ونشعر بمشاعر إيجابية في التعامل معهم، يخزن الجهاز اللمبي حركات هؤلاء الأشخاص وتعابير وجوههم وطريقتهم في الكلام، كما يخزن مشاعر السرور والارتياح، بالمقابل عندما نلتقي بأشخاص لا ننسجم معهم وتمتلىء نفوسنا بالمشاعر السلبية تجاههم، يخزن الجهاز اللمبي حركات هؤلاء الأشخاص وتعابير وجوههم وطريقتهم في الكلام كما يخزن المشاعر السلبية المرفقة لهم، وهي مشاعر الاستياء وعدم الارتياح.

إن هذا الإحساس نحو الآخرين لا يأتي من فراغ إنما يبنى على معلومات مخزونة في العقل الباطن ولذلك يجب أخذه بعين الإعتبار وعدم تجاهله. عندما نلتقي بشخص يشبه الصورة المخزنة عندنا بالعقل الباطن هنا يبدأ الدماغ بالمقارنة بين الصورة الأولى والصورة الثانية، فإذا كان يشبه الصورة الأولى الإيجابية سنشعر معه بالارتياح والإنسجام والسرور، وإذا كان يشبه الصورة الثانية السلبية سنشعر تجاه هذا الشخص بمشاعر عدم الارتياح والإنسجام.

هنا يجب أن نسأل أنفسنا لماذا حصل هذا التعارض؟ ومن خلال الإجابة على هذا السؤال ومن خلال قراءة مشاعرنا ومعرفة الدوافع الكامنة وراءها سنعرف تماما ما الصفات التي نريدها في شريك حياتنا، وسنعدل من قائمة الصفات التي وضعها العقل الواعي لتتناسب مع قائمة الصفات المخزونة في العقل الباطن، وهكذا نقترن بالشريك الذي نقتنع به ونرتاح له في نفس الوقت.

الصدق مع أنفسنا هي أساس النجاح في اختيار شريك الحياة، وإن عملية اكتشاف الآخر هي عملية اكتشاف للذات في نفس الوقت، فعندما نكتشف الصفات التي تجذبنا نحو الآخرين نكون قد اكتشفنا المزيد عن أنفسنا ورغباتنا ومخاوفنا وحاجاتنا الحقيقية، وبمقدار ما تتصف هذه العملية بالصدق والشفافية يحقق الإنسان النجاح في علاقته مع نفسه ومع الآخرين.

فالزواج حتى ينجح يجب أن يتم الاختيار على أساس العقل والقلب معا، فمن اختار على أساس العقل فقط أو على أساس القلب فقط، يجد نفسه بعد فترة من الزواج أنه حقق جانب واحد من الحياة الزوجية، فيبدأ بالبحث عن الجانب الثاني الذي تم إهماله على حساب الجانب الآخر.

إذا لابد أن يتم اختيار شريك الحياة على أساس العقل والقلب معا كي تسير الحياة الزوجية نحو النجاح والاستقرار النفسي والسعادة الأسرية، ويسودها التوافق على جميع المستويات الفكرية والثقافية والاجتماعية والدينية والأخلاقية.
القلب يعتبر هو مصدر الرحمة والعقل يعتبر هو مصدر الحكمة والزواج يحتاج الرحمة والحكمة حتى ينجح، وهذا الجانب الذي وصفه القرآن الكريم في الحياة الزوجية (وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ)، فبجناح العقل والقلب يحلق الزوجين في سماء السعادة الزوجية والسكن والاستقرار الأسري.

التعليقات